«واشنطن بوست»: الحكومة الأمريكية تجاهلت القضاء ورفضت إعادة شخص مُرحّل ظلماً
«واشنطن بوست»: الحكومة الأمريكية تجاهلت القضاء ورفضت إعادة شخص مُرحّل ظلماً
أكدت وزارة العدل الأمريكية أن قرار المحكمة العليا لا يُلزمها بإعادة كيلمار أبريغو غارسيا، المُرحّل خطأ إلى السلفادور، بل يقتصر فقط على إزالة "العوائق المحلية" التي تحول دون عودته.
ووفقا لصحيفة "واشنطن بوست"، صرّحت الوزارة، مساء الأحد، في مذكّرة رسمية بأن الحكم القضائي لا يعني إلزام الحكومة بالتفاوض مع دولة أجنبية أو اتخاذ خطوات دبلوماسية لإعادة الرجل، الذي تقول أسرته إنه يواجه خطر التعذيب وربما القتل في سجنه الحالي.
وأعلنت إدارة الرئيس دونالد ترامب، الأحد، أنها غير ملزمة بإشراك حكومة السلفادور في الجهود المتعلقة بعودة أبريغو غارسيا، المحتجز في أحد أكثر السجون قسوة في البلاد، رغم حكم المحكمة العليا الذي دعا لتسهيل عودته.
واستخدمت الإدارة لهجة حادة في ردّها أمام المحكمة الفيدرالية في ماريلاند، مؤكدة أن المطلوب منها فقط هو عدم عرقلة العودة إذا تم الإفراج عن غارسيا من قبل السلطات السلفادورية.
أحقيته في الحماية القانونية
وقدّمت وزارة العدل، مساء الأحد، وثائق للمحكمة الجزئية قالت فيها إن أبريغو غارسيا "لم يعد مؤهلاً" للحماية القانونية التي كانت ستمنع ترحيله في الأصل، مستندة إلى ادعاءات سابقة تفيد بانتمائه إلى عصابة "إم إس-13"، ورغم أن هذه المزاعم لم تُثبت أمام القضاء، فإن الحكومة استخدمتها لتبرير عدم اتخاذها إجراءات فعالة لإعادته.
ومهدت هذه التصريحات الطريق لصدام قانوني جديد بشأن حدود السلطة التنفيذية، إذ رأت المحكمة أن الحكومة قد تتجاهل جوهر قرار المحكمة العليا، رغم التزامها الشكلي به.
وقال مظفر تشيشتي، الزميل في معهد سياسات الهجرة، إن "المشكلة أن الحكومة قد تلتزم بالحرف، لكنها لا تلتزم بروح الحكم القضائي"، مضيفاً أن أي فشل في التنفيذ قد يُعرض الحكومة لمزيد من الطعون أمام القضاء الفيدرالي.
المحكمة ترفض ذرائع الحكومة
أعلنت وزارة العدل أنها "لا تملك أي معلومات جديدة" عن جهود إعادة أبريغو غارسيا، مشيرة إلى أن رئيس السلفادور كان موجوداً في الولايات المتحدة للقاء الرئيس ترامب.
ورأت المحكمة أن امتناع الحكومة عن التنسيق مع السلفادور يُعد تقاعساً عن تنفيذ قرار قضائي، في حين تمسكت الحكومة برأيها أن المحاكم لا يمكنها فرض طريقة محددة لإدارة العلاقات الخارجية.
وأصرت الحكومة على أن واجبها يقتصر على "إزالة العوائق المحلية" التي تحول دون عودة المُرحّل، ولا يشمل اتخاذ خطوات لإبعاده من حجز حكومة أجنبية.
وذكرت أن "التسهيل" لا يعني أكثر من السماح له بدخول الولايات المتحدة إذا تم الإفراج عنه، وهو ما اعتبره خبراء قانونيون تفسيراً قاصراً لقرار المحكمة العليا.
الادعاءات تستند لقرائن ضعيفة
اعتقلت الشرطة أبريغو غارسيا عام 2019 في مقاطعة برينس جورج بولاية ماريلاند، بعد استجوابه مع عدد من الرجال خارج متجر "هوم ديبوت" بشأن جريمة قتل.
ورغم نفيه الدائم لأي علاقة بعصابات، قدمت الحكومة اتهامات تستند إلى ملابسه –إذ كان يرتدي قميص فريق “شيكاغو بولز”– وشهادة مخبر سري لم يُكشف اسمه، ومع ذلك، حكم قاضٍ في الهجرة بمنع ترحيله، نظراً لخطر الاضطهاد الذي يواجهه في بلاده.
ورغم أن هيئة الهجرة والجمارك ادعت أن غارسيا ينتمي لعصابة "أم أس- 13"، أكد قاضي المحكمة الجزئية، باولا شينيس، عدم وجود أي دليل على صحة هذا الادعاء، مشيرة إلى أنه لم يعش يوماً في نيويورك، وهو ما يفند إحدى مزاعم الحكومة بشأن نشاطه هناك، كما أشار القاضي إلى أن أبريغو غارسيا لم يُتهم أو يُدان بأي جريمة.
شكوك حول جدية الحكومة
انتقدت القاضية شينيس الحكومة بشكل علني، بسبب عدم تقديمها أي تفاصيل عن الخطوات التي اتخذتها لإعادة غارسيا، وطرحت في جلسة الاستماع الأخيرة سؤالاً مباشراً: "أين هو وتحت سلطة من؟"، ووصفت الوضع بأنه "مقلق للغاية".
وأقرت وزارة العدل، في اليوم التالي، بأن أبريغو غارسيا محتجز بالفعل في أحد أكبر السجون في السلفادور، والمخصص للمدانين بالإرهاب، ويتشارك فيه مئات السجناء الزنازين، وسط أوضاع يُعتقد أنها تفتقر لأدنى المعايير الإنسانية، ما يُشكل خطراً على حياته وسلامته، بحسب محاميه.